![]()
تقع سلطنة عمان في الطرف الجنوبي الشرقي لشبه الجزيرة العربية، وهي دولة شهدت تنميتها البشرية تقدماً كبيراً في العقود الأخيرة. ويعكس مؤشر التنمية البشرية (HDI)، الذي يقيس التقدم في ثلاثة مجالات أساسية ــ الصحة والتعليم والدخل ــ الجهود التي تبذلها الدولة لتحسين نوعية حياة مواطنيها.
1. مؤشر التنمية البشرية العماني: التنمية البشرية المرتفعة
تعد سلطنة عمان من الدول المصنفة على أنها ذات “تنمية بشرية عالية” بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي . وقد حققت البلاد تقدماً كبيراً في مجالات الصحة والتعليم والدخل، مما سمح لها بالحفاظ على مؤشر التنمية البشرية أعلى من المتوسط في البلدان المتوسطة الدخل.
على الرغم من أن عمان ليست من بين الدول “المرتفعة جدًا” في مؤشر التنمية البشرية، إلا أنها تتميز بنموذج التنمية البشرية الذي يركز على الاستدامة والاندماج الاجتماعي.
2. العمر المتوقع والصحة
متوسط العمر المتوقع عند الولادة في عمان مرتفع، وغالبًا ما يتجاوز 75 عامًا، مما يعكس تحسن الرعاية الصحية في البلاد. وقد توسعت الخدمات الصحية بشكل كبير منذ أوائل السبعينيات، من خلال الاستثمار في بناء المستشفيات والعيادات الحديثة، فضلا عن تدريب المهنيين الصحيين المحليين. تتمتع البلاد بنظام صحي يمكن الوصول إليه، وقد أدت برامج التطعيم إلى خفض معدل وفيات الأطفال بشكل كبير.
ومع ذلك، تواجه عمان تحديات صحية مثل العديد من دول الشرق الأوسط، بما في ذلك زيادة الأمراض المزمنة، مثل مرض السكري وأمراض القلب، المرتبطة بأنماط الحياة الحديثة. نفذت الدولة سياسات الصحة العامة لتشجيع أنماط الحياة الصحية ومكافحة هذه المشكلات.
3. معدل التعليم ومعرفة القراءة والكتابة
يعد التعليم أحد المجالات التي حققت فيها عمان أيضًا تقدمًا ملحوظًا. نفذت البلاد إصلاحات تعليمية في السبعينيات والتي وفرت التعليم المجاني والإلزامي في المرحلتين الابتدائية والثانوية. واليوم يتجاوز معدل معرفة القراءة والكتابة في السلطنة 95%، وهو مؤشر واضح على نجاح السياسات التعليمية في البلاد.
كما توسع التعليم العالي مع إنشاء الجامعات المحلية، مثل جامعة السلطان قابوس، فضلا عن الشراكات مع المؤسسات الدولية. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات أمام تحسين المواءمة بين التدريب واحتياجات سوق العمل، وخاصة في القطاع الخاص.
4. الدخل ومستوى المعيشة
تتمتع عمان باقتصاد مستقر نسبيا بفضل احتياطياتها من النفط والغاز، على الرغم من أن البلاد تسعى بنشاط إلى تنويع اقتصادها لتقليل اعتمادها على الهيدروكربونات. يعد نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي في عمان مرتفعًا نسبيًا، وتوجد شبكة ضمان اجتماعي لدعم المواطنين في الأوقات الصعبة.
ومع ذلك، فإن الاعتماد على قطاع النفط لا يزال يمثل نقطة ضعف لاقتصاد البلاد، خاصة في مواجهة التقلبات في أسعار النفط. ولهذا السبب قامت السلطنة بتنفيذ “رؤية 2040″، وهي خطة استراتيجية تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز القطاع الخاص وتشجيع الابتكار.
5. التفاوتات والتحديات الاجتماعية
حققت عُمان تقدماً في الحد من الفوارق الاجتماعية، لكن التحديات لا تزال قائمة. ولا تزال البلاد بحاجة إلى ضمان إدماج السكان المهمشين، وخاصة المغتربين الذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان وغالبا ما يشغلون وظائف في القطاعات ذات الأجور المنخفضة.
على الرغم من أن عمان بذلت جهودًا لضمان توزيع أكثر عدالة للثروة، إلا أن هناك فوارق بين المناطق الحضرية والريفية، لا سيما في الحصول على الخدمات الصحية والتعليم والفرص الاقتصادية. وتواصل الحكومة العمل على الحد من هذه الفوارق، لكن العملية لا تزال تمثل تحديًا.
6. النظرة المستقبلية
وتسعى سلطنة عمان في ظل توجيهات “رؤية 2040” إلى تعزيز تنميتها البشرية من خلال تنويع مصادر دخلها وتشجيع الاستثمارات في قطاعات مثل السياحة والزراعة المستدامة والتكنولوجيا والطاقة المتجددة. وتركز البلاد أيضًا على تعزيز الحوكمة والسياسات التي تهدف إلى ضمان النمو الشامل والمستدام.
خاتمة
ويعكس مؤشر التنمية البشرية في سلطنة عمان النجاحات التي حققتها البلاد في مجال التنمية البشرية، وخاصة في مجالي الصحة والتعليم. ومع ذلك، تواجه عمان العديد من التحديات، مثل الاعتماد على صناعة النفط وعدم المساواة الاجتماعية، والتي تتطلب اهتماما مستمرا. وتهدف السلطنة من خلال إصلاحاتها الاقتصادية والاجتماعية إلى تحسين نوعية حياة مواطنيها وبناء اقتصاد أكثر تنوعًا ومرونة للمستقبل.
